International Plastic Artist LOUAY KAYALI
   

Home >> Press Releases >> ثقافة الأرواح المتمردة

Article Title : ثقافة الأرواح المتمردة
Article Author : متعب آنزو
Source : جريدة النور
Publish Date : 2004-01-21


ثقافة الأرواح المتمردة
21 كانون الثاني 2004

يتجلى لؤي كيالي على نحو مقتضب في تعاليم كومينسك الأخلاقية التي تتجه إلى أن (الإنسان عالم قائم بذاته، بسمائه وأرضه ومائه وناره ومادته وروحه وحركته وسكونه. وإذا أراد الإنسان أن يبحث عن الآلة فإنه سيجدها مختبئة في ذاته، وبما أن الدراما تنمو على مسرح الروح الإنسانية فإن هذه الدراما تبدو شاخصة مرتجفة في لحظة التصادم بين النور والظلمات التي نحملها في داخلنا)، وإنني أعتقد مخلصاً أننا مدفوعون اليوم إلى أن نخلق رؤية جديدة للسماء والأرض، أن ندع الموتى يدفنون الموتى، أن نحيا أشقاء في الجسد، وأن نجعل الإنسان واقعاً على الأرض، وإننا لمحذرون المرة تلو المرة لئلا تصبح شهوة الحياة قناعة حية لكل منا، عندئذٍ فإن الوجود الأرضي لن يكون أكثر من جحيم وهو ذات الجحيم الذي أحال لؤي كيالي في غفلة من الوقت والنور إلى رماد.

حين يمسي لؤي كيالي متعافياً من الحياة في قلقه وبراءته ودخوله في عذابات مطبقة كان قد أنكر دعوته المغلفة بالإيمان.

أياً كان الأمر فإن إحساس الفنان بتعرضه للخيانة والخديعة يتوازى مع صدمة المجددين العظام، ولو كان الفن هو مادة الجميع كما يوصي الاعتياديون لكان علينا أن نجد لغة جديدة يتحدث فيها القلب إلى الآخر دون توسط، وأن نكون متجسدين في ندائه العادي أياً كان طعم هذا النداء ورائحته.

لو كان في الأمر خدعة لكان لؤي كيالي منسجماً مع ذاته مستمراً في لعبة الشوائب والارتياب. إلا أن الثابت أن شياطينه لم تسمح له بالنفاذ إلى الآفاق المفتوحة. ففي اللحظة الأخيرة وجد نفسه مهشماً مشدوداً إلى الأرض، لم تكن حمى نشاطه وانكفائه المفاجئ تنم إلا عن شعوره بحياته القصيرة.

إن الحرية ملازمة للتفرد، والخلاص يعني فقط الحفاظ على هوية المرء الفريدة في عالم يتجه إلى التماثل والمكاشفة. هذا هو جذر الخوف والرعب الذي أبعد لؤي كيالي إلى عتبات الفاليوم والشحوب ومن ثم إلى جسد بارد لم يسلم من التشويه.

لكأن الخلاص لا يأتي إلا عندما يتعمد الفنان بحرية الذات في تأكيد نفسها دون قيد، الحرية التي تضمن له حق الاعتراض والانسحاب حين يريد. وهي لا تدخل في حسابها اختلافات الناس الآخرين ولا تقدم له العون في إيجاد الصلات مع المجتمع المكون أصلاً من أبواب مغفلة ومحرمات وقوانين واضطهاد وقمع.

في مثل هذا اليوم ذي الألوان الملتبسة قدم لؤي كيالي إلى العالم مثل مقاتل بسلوك مختلف، ومبدأ فعل مختلف، وفهم ثلاثي الأبعاد للأشياء والأحاسيس.

ما إن تصبح رمزية الروح قابلة للإيصال على كل مستوى حتى تفقد صحتها وفاعليتها، وإن طلبك من الفنان أن يتحدث بلغة الآخرين يماثل انتظارك من النبي أن يوضح نبوءته.

إنها طقوس الإشارات والرموز.

في تموز 1881، كتب فان كوخ إلى شقيقه واحدة من تلك الرسائل التي تغوص في قلب الأشياء، وحين نقرؤها نتذكر لؤي كيالي (ينبغي ألا تعتقد أنني أتنصل من الأشياء، أنني بالكاد مؤمن بعدم جدوى إيماني، ومع هذا التبديل يبدو همّي الوحيد كيف أكون نافعاً في هذا العالم).

لقد أمسك لؤي كيالي بالسر وأطبق عليه بكل قوته، وعندما استدار لكي يبدأ من جديد، كان الجحيم أسرع إليه.
www.an-nour.com